عندما كانت إسرائيل تفرق مظاهرات أطفالنا بالهراوات، ابتكرت عقول الأطفال الحجارةَ والمقاليع، واستطاعت أن تؤرق بها ضباط الاحتلال، وكبار قادته. وعندما طور الصهاينة أساليبَ القمع لتشمل المدافع الثقيلة والدبابات، لتقتل بها ايمان حجو وغيرها من الرضع، استطاع الثوار أن يرفعوا مستوى الردع الى استخدام البنادق الشخصية التي اندمجت مع شجاعة أبطالنا، لتصبح من القوة بحيث أقلقت شارون وضباطه ومستوطنيه. والآن ها هي إسرائيل تهاجمنا بالطائرات من طراز F16 ظناً منها أنها ستجعلنا نركع متوسلين وقفَ العدوان.
هذه الطائرات الحربية، لا تُستخدم إلا ضد الجيوش النظامية. إذاً، فإنه من دواعي فخرنا أننا أصبحنا من القوة والشجاعة بحيث تساوي شجاعة أبنائنا، قوةَ جيش نظامي كامل متكامل. لقد حرك شارون هذه الطائرات للقتل فقط، ومن المؤكد أنه لم يضع في حسبانه ما يمكن أن يردَّ به العرب عليه. العرب، الذين يملك بعضهم طائرات F16، والأسلحة المضادة لها، لن يحركوا ساكناً حتى لو استخدم شارونُ القنبلة الذرية لإسكات ضربات بنادقنا.
نحن إذا أمام طرفي نقيض؛ استخدام الصهاينة لآليتهم العسكرية المتطورة ضدنا، والسكوت العربي عن موتنا وموت أطفالنا الأبرياء.
أستطيع من خلال مقالتي هذه أن أقول لشارون، لا تحلم بخضوعنا، فنحن شعب خارق للعادة، وإن لم تكن تعرفنا بعد، فعُدْ بذاكرتك الى صمودنا في أطول حرب خاضتها دولتك الغاصبة ضد العرب، تسعةٌ وثمانون يوماً وجيشك يضرب بيروت، ويصب على رؤوس الثوار جامَ حقده وعنجهيته… وفي النهاية انتصر صمودنا، ثم انتصرت المقاومة وانسحبتم أذلاء من جنوب لبنان، دون شروطٍ أو مفاوضات، بل حتى دون خطوط هدنة أو مناطق أمنية. هذه فقط للذكرى.
الآن نقول وبكل أسفٍ، إن هذه الطائرات الحربية التي هاجَمَنا بها شارونُ، حملت في صواريخها صمتاً عربياً منقطع النظير في ذله وخنوعه. حملتْ كميةً هائلةً من الشجب والاستنكار المستمر على مدى خمسة عقود من الاحتلال، والذي لا يسمن ولا يغني من جوع، حملتْ سكرَ وعربدة أولي الأمر منا، فأكثرهم تتحرك حميتهم في إحدى حالتين فقط؛ إما عند إحضار الطعام أو النساء، أو عند قتال بلد عربي شقيق.
من منكم يا حكام العرب يملك زمام أمره ليقول "لا"؟ من منكم يستطيعُ إطلاق رصاصةٍ من مسدسه عندما تدك إسرائيلُ حدود ملكه المتهالك؟ أو عندما تصب في بنطاله ماءً وتوجه له لطمة توبيخ على وجهه لا يرضى أي طفل ان توجه له؟
الأرض العربية المحتلة، لا يمكن أن يحررها إلا عربٌ، لا يبدو أنهم موجودون في هذا الزمان، عربٌ من نوعٍ خاص يحملون من الصفات البسالةَ والشجاعة ورفض الذل ونُصرةَ المظلوم، عربٌ من نوع أصلي أصيل غير قابل للتقليد، يرتكزون على تأريخم العظيم، لبناء حاضرهم بقوة كافية للانطلاق الى مستقبل زاهر، عربٌ من نوع مختلف لا يحلمون بسلام واهن يستطيعون بموجبه أن يطيروا الى تل أبيب لكي يهلكوا نقودَهم على بيوت الدعارة والقمار.
أي عرب هؤلاء، ألا تخجلهم دموع أطفال فلسطين والعراق؟ هل يوجد بين أيديهم أية وسيلة لمساعدتنا في وقف طلعات ال F16فوق رؤوسنا؟ هل نسوا (أم تناسوا) أنهم يستطيعون وقف إمدادات النفط للصهاينة وأعوانهم، ما سيؤدي الى إيقاف حركة الطائرات المعتدية؟ إذاً المسألة ليست في وجود الأسلحة المضادة، إنما في استخدامها، أو وجود النية لاستخدامها، أو حتى وجود العقول اللازمة للتفكير باستخدامها، وفي النهاية وجود الكرامة التي لا ترضى السكوت عن الاعتداء على أبناء الأمة العربية.
أخوتي أبناء فلسطين، بما تملكون من السلاح والشجاعة، عليكم بهذا العدو الغاصب، ففناؤنا أفضل من الرضوخ له، ودماؤنا فيها فناؤه ونصرنا… والوقائع تثبت أن الأمة العربية تتركز في قلوبنا وقلوب شهدائنا، لأن عدونا يحسب لنا ألف حساب في الوقت الذي لا يقيم فيه لكل الأمة وزناً.
ارسل هذا المقال الى صديق بالبريد الالكتروني
الأربعاء يوليو 23, 2008 11:58 am