هل يرغب الشعب الاسرائيلى بالسلام$

استطاعت الصهيونية ضمن عملها الدؤوب على مدار القرن الماضي أن تحول مجموعات متفرقة من اليهود في جميع أصقاع العالم إلى شعب له دولة وجيش وبرلمان.

ومع أن هذا الشعب اغتصب الأرض من أصحابها الحقيقيين، فقد حقق له اعترافا رسميا في كل العالم، واستطاع أن يشد الناس إلى أهوائه ورغباته... وصرنا نقول إننا يجب أن نحترم رغبته في اختيار ممثليه الذين يستطيع عن طريقهم أن يواصل درب الاحتلال والاغتصاب للأرض العربية، وقتل أصحابها الأصليين.

لا يجب أن نعتقد ولو مجرد اعتقاد أن اليهود قد تخلوا عن الصهيونية وأفكارها التي جمعتهم، وجعلتهم يفكرون بفوقية وعجرفة تصل إلى حد عدم الاعتراف بحقوق العرب؛ فنجدهم يتعاملون بعنصرية تجاه الفلسطينيين في الداخل، ونجدهم يسلبون بقية الفلسطينيين حقوقَهم التاريخية والشرعية… ليصفوا النضال الفلسطيني العريق بالإرهاب، وقد غابت عن أذهانهم مجازرهم الإرهابية البشعة التى استبقت تأسيس دولتهم الغاصبة.

إن هذه الأنانية الواضحة تعززها دعوات اليسار الإسرائيلي الأخيرة إلى معاقبة كل الفلسطينيين، وسلطتهم وزعيمهم.

ولعلنا نتذكر جميعا عريضة تقدم بها اليسار الإسرائيلي مطالبا بالوقوف في وجه حق الفلسطينيين بالعودة الى ديارهم، ناسين أو متناسيين أن القضية الفلسطينية لا تحل إلا بعودة الفلسطينيين إلى فلسطين، حتى لو تحررت القدس وأقيمت الدولة الفلسطينية.

المجتمع الإسرائيلي لا يريد السلام, و إلا لماذا انتخب إرهابيّا رئيسا لحكومته؟ نحن لا نقول إن العمل أفضل من الليكود أو العكس, لأن الحزبين أظهرا حقدا لا متناهيا تجاه العرب، لكننا نقول إن انتخاب شارون هو رمز لعدم الرغبة في السلام مع الشعب الذي يحتلون أرضه ويقيمون عليها دولة معتدية.

أكرر أنه لا فرق بين اليمين أو اليسار في إسرائيل، حتى على المستوى الشعبي، فبيرس مثلا (وهو جزار قانا) شجع شارون على الغارات الأخيرة ضد الأهداف الفلسطينية، مع أنه يحاول دائما أن يمثل الوجه الجميل للمجتمع الإسرائيلي، ولا ينسى أحدنا أنه لا يفكر بالسلام تنازلا عن حق الدولة اليهودية في الأرض العربية، بل هو يريد استبدال الحرب العسكرية بأخرى اقتصادية يصبح معها كل بيت عربي من المحيط إلى الخليج مهزوما من داخله، من حيث مأكله و ملبسه، ناهيك عن التطبيع الذي يُعدّ بيرس من أشد الساعين إلى تحقيقه.

إذاً فلنتوقف نحن كعرب عن الاستدلال بالشعب الإسرائيلي ورغبته عند كل انتخابات... ولندرك أن هذا الشعب لا يستطيع أن يتحمل وجود الفلسطينيين إلى جواره لذلك فهو يعمل بكل جد لاحتلال الأرض وقتل الإنسان.

والسبيل الوحيد إلى السلام هو توازن القوى بين الطرفين, عندها سيصبح السلام مطلبا مهما لرجل الشارع الإسرائيلي لأنه سيكون نابعا من الرغبة في وقف الصراع الذي يستنزف موارده، حتى يتسنى له أن يعيش حياته … وحتى بعد ذلك هو لن يفلح في الوصول إلى السلام المنشود إلا بعودة الفلسطينيين إلى أراضيهم.